بينما تتسابق عمالقة التكنولوجيا لإطلاق أكبر مراكز بيانات في التاريخ وتكديس شرائح الذكاء الاصطناعي بلا حدود، تبدو آبل وكأنها تسير في خطٍ موازٍ، بخطوات محسوبة وهدوء يُثير الانتباه لا الضجيج.
هذه السياسة الهادئة ليست وليدة صدفة؛ فهي تعكس فلسفة الشركة الطويلة في بناء منظومتها التقنية بشكل متدرّج، بعيدًا عن اندفاع المنافسين.
حوسبة سحابية على طريقة آبل
بدلًا من أن تغرق في سباق شراء معالجات إنفيديا وAMD كما تفعل مايكروسوفت وجوجل، تعتمد آبل إستراتيجية مزدوجة:
- 
استخدام قدراتها الداخلية وبناء خوادم تعمل على رقاقاتها الخاصة
 - 
الاستعانة بموارد حوسبية إضافية عبر شركاء خارجيين عند الحاجة
 
هذه الخوادم ليست مجرد بنية تقليدية، بل تُشغّل ما تسميه الشركة بـ Private Cloud Compute — منصة سحابية خاصة تُستخدم لمعالجة البيانات الحساسة المرتبطة بميزات الذكاء الاصطناعي في نظام Apple Intelligence، مع ضمان أعلى مستويات الخصوصية وعدم الاحتفاظ بالمعلومات على المدى الطويل.
أرقام إنفاق … خارج موجة الهوس
نتائج آبل المالية جاءت في أسبوع شبيه بماراثون للإنفاق من عمالقة السوق:
- 
جوجل تخطّط لإنفاق ~92 مليار دولار
 - 
مايكروسوفت أنفقت نحو 34.9 مليار في ربع واحد
 - 
ميتا تستعد لإنفاق 71 مليار حتى 2025
 - 
أمازون رفعت السقف إلى 125 مليار دولار
 
وسط هذه الأرقام الهائلة، تُسجّل آبل إنفاقًا متواضعًا نسبيًا: 12.72 مليار دولار لعام 2025 — بزيادة 35%، نعم، لكنها لا تزال بعيدة عن المنافسين.
التركيز على البناء الذاتي
معظم ميزانية 2025 موجهة لتوسيع البنية السحابية الخاصة آبل.
ومع مطلع العام، بدأت الشركة بالفعل شحن خوادمها المصممة في مصنعها بهيوستن.
هذا الاستثمار يتكامل مع مشروع Apple Intelligence الذي يقدّم:
- 
تلخيصًا ذكيًا للإشعارات
 - 
إنشاء صور ورموز تعبيرية جديدة
 - 
دعم الاستفسارات المعقدة عبر ChatGPT عند الحاجة
 
كما تؤكد الشركة أن نسخة سيري الجديدة ستصل في 2026، مع فتح الباب للتعاون واسعًا في مجال الذكاء الاصطناعي.
الطلب على آيفون لا يزال في القمة
على الرغم من القلق من أن هذا النهج البطيء قد يضعف مبيعات الأجهزة، فإن الواقع يقول غير ذلك.
تيم كوك أكد أن سلسلة آيفون 17 حققت “طلبًا قياسيًا”، مع توقعات بزيادة بين 10% و12% في الربع المالي الأخير من العام.
كما أشار إلى أن ميزات الذكاء الاصطناعي أصبحت سببًا مهمًا لاتخاذ قرار الشراء، تحديدًا Apple Intelligence.
منطقة التحديات .. وأسباب الحذر
آبل لم تكن أول الواصلين إلى سباق الذكاء الاصطناعي، وهذا واضح.
تأجيل سيري الجديدة لعام 2026، ونقص الكفاءات البحثية بعد انتقال عدد من الخبراء، كلها عوامل أثرت على سرعة التطوير.
كما أن تمسّك آبل بسياسة الخصوصية الصارمة يجعل تدريب نماذجها على بيانات واسعة أمرًا أصعب من منافسيها.
لكن في المقابل، آبل:
- 
لم تُجبر على عمليات تسريح ضخمة
 - 
لم تدخل سباق الإنفاق الجنوني غير المضمون
 - 
تحافظ على نموذج أعمال قوي قائم على الأجهزة والخدمات
 
خلاصة المشهد: إستراتيجية “الصوت المنخفض”
بدلًا من القفز في دوامة مليارات الذكاء الاصطناعي، اختارت آبل أن:
- 
تُطوّر تقنياتها بإيقاعها الخاص
 - 
تحافظ على خصوصية المستخدم فوق كل شيء
 - 
تدمج الذكاء الاصطناعي تدريجيًا داخل منظومتها
 
هي ليست الشركة الأكثر ضجيجًا في ساحة الذكاء الاصطناعي — لكنها تراهن على الاستمرارية، الجودة، وولاء المستخدمين، وهي أوراق أثبتت قيمتها تاريخيًا في عالم آبل.
		



